Translate

الأحد، 23 أغسطس 2015

هل سيطرق الخرف بابي عند الكبر؟!


د. هاني محمد العبدلي *
    هل سيصيبني الخرف عند الكبر؟ والدي أصيب بالخرف فهل الخرف مرض وراثي؟ وهل الخرف هو الزهايمر؟ ما الحل لأتجنب الإصابة بالخرف؟
هذه الأسئلة وغيرها تراود الكثير منا في فتراتٍ كثيرةٍ من مراحل الحياة؛ قد يجد الواحد منا لها إجابات وقد لايجد؛ بل قد يصادف أحدنا أحياناً من يخبره بأن غذاء معيناً هو الحامي بعد الله من الإصابة بالخرف أو يفتي له فلان بأن المرض وراثي، وأن إصابة أحد والديه هي دليلٌ حتميٌ لأن يكون هو أو أحد إخوانه الشخص التالي للإصابة بالخرف فليستعد لذلك!
الخرف حقيقة هو مصطلحٌ عام يضم تحته عدة أمراض تؤدي جميعها إلى تراجعٍ تدريجيٍ في القدرات العقلية وخاصةً الذاكرة. أشهر هذه الأمراض وأكثرها حدوثاً هو مرض ألزهايمر. ومن الأسباب أيضاً جلطات المخ الناتجة عن اضطرابات الأوعية الدموية؛ وكذلك التعرض لموادٍ سامةٍ لفتراتٍ طويلة مثل ما يحدث لدى عمّال المناجم وغيرهم؛ إضافةً إلى ذلك نذكر أيضاً كل مامن شأنه أن يتسبب في ضمور المخ مثل التهابات الدماغ؛ وإصابات الرأس المختلفة؛ وهناك أيضاً أسبابٌ أخرى لأمراضٍ نادرة الحدوث.
من ناحية أخرى هناك عوامل تزيد فرصة الإصابة بالخرف عموماً ومنها: مرض السكري، ارتفاع ضغط الدم، التدخين، الاكتئاب، قلة التعليم... وغيرها. إذن نفهم مما سبق أن الألزهايمر يساوي الخرف؛ ولكن الخرف لايساوي الألزهايمر.
مرض الخرف هو مرض نادراً ما يكون وراثياً؛ ولكن الإصابة به تزداد نسبة حدوثها في العائلات التي لديها تاريخ إصابة بالمرض مقارنةً بالعائلات التي ليس لديها تاريخ مرضي وذلك بنسبة ١:٣ ولكن هذا الأمر لا يدعو للقلق بشكلٍ كبير؛ أتعلمون لماذا؟! لأن الإنسان غالباً بإمكانه بعد قدرة الله سبحانه التغلب على هذا العامل؛ ولكن كيف؟!
هناك منطقةٌ صغيرةٌ في المخ مسؤولةٌ عن الذاكرة تدعى (الهيبوكمبس أو فرس البحر) ثبت علمياً في كثيرٍ من الدراسات والأبحاث بأنها منطقةٌ مهمةٌ في المخ؛ والتي من الممكن ألا تموت ولا تضمر خلاياها مدى الحياة لو استمر الإنسان بتنشيطها والمداومة على تغذيتها وإمدادها بماتحتاجه!! ستسألني غالباً وكيف يمكن تغذية هذه المنطقة وتنشيطها؟! الإجابة هي تغذيتها عن طريق الأنشطة العقلية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: المداومة على القراءة، الحفظ، حل الألغاز، تعلم اللغات، الاطلاع الدائم، تنمية المدارك العقلية عن طريق أي وسيلة تستطيع أنت إتقانها مثل التأمل والتركيز والتفكير؛ ومن حسن الحظ أنه في الآونة الأخيرة انتشرت كثيرٌ من المعاهد والمراكز التي أصبحت تقيم دورات وكورسات تعليمية تتعلق بمثل هذا المجال.
علاوةً على ماسبق أود أن أضيف بأن التغذية الجيدة والتي تشمل الخضروات، الفواكه، الماء، المأكولات البحرية التي تحتوي (أوميغا 3)؛ وكذلك المحافظة على مستوى نسبة السكر في الدم والضغط الشرياني ضمن الحدود الطبيعية، إضافةً إلى تجنب التدخين وعلاج الاكتئاب هي عواملٌ مهمةٌ لها في الحقيقة دورٌ ملموسٌ في المحافظة على الذاكرة ووظائف المخ الأخرى.
بقي قبل أن أختم المقال بأن أشير إلى نقطةٍ مهمة وهي أن من أسوأ العادات حقيقةً التي نمارسها ونحن لا ندرك خطورتها هي عبارات (أنا بديت أخرّف، أنا شكلي خرفت، أنا فيني الزهايمر، أنا أنسى أو أنا نساي، أنا لايمكن أن أتذكر، أنا ما أقدر أحفظ أو أنا صفر في الحفظ... وغيرها الكثير) فهذه العبارات هي أسوأ درس تقدمه أنت بنفسك للأسف إلى عقلك الباطن حتى يكسل ويصاب بالخمول، وأنا أعتبرها بمثابة التقدم إلى المخ بطلب التقاعد المبكر!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق