Translate

الخميس، 28 مايو 2015

الغذاء الغربي وسرطان القولون

 
د. عبد الحفيظ خوجة
* الغذاء الغربي وسرطان القولون
من الأخطاء الشائعة في معظم مجتمعات العالم المتقدمة منها والنامية التوجه المستمر للتحول إلى النظام الغذائي الغربي الغني بالدهون والفقير في محتواه من الألياف.
لقد لاحظ العلماء والباحثون، حديثا، أن معدلات الإصابة بسرطان القولون هي أعلى بكثير بين الأميركيين الذين هم من أصل أفريقي (65: 100.000)، منها بين أقرانهم من المناطق الريفية بجنوب أفريقيا (أقل من 5: 100.000). ويرتبط ارتفاع تلك المعدلات بارتفاع الاستهلاك في البروتين الحيواني والدهون، وانخفاض استهلاك الألياف. ومن البديهي أنه أصبح معروفا لدى غالبية الناس أن نوع النظام الغذائي الذي يتبعه الشخص يؤثر بشكل عام في صحته إيجابا أو سلبا ويزيد بشكل خاص خطر الإصابة بسرطان القولون.
لقد أثبتت دراسة أميركية بريطانية مشتركة نشرت في العدد الأخير من مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» (Nature Communications) في 28 أبريل (نيسان) الماضي مدى قوة هذا التأثير ومدى سرعة ظهوره، حيث وجد الباحثون آثارا وتغيرات كبيرة خلال أسبوعين فقط بعد تغيير النظام الغذائي. وقام علماء وباحثون من جامعة إمبريال كوليدج في لندن وجامعة بيتسبرغ في بنسلفانيا بعمل دراسة على مجموعتين من المتطوعين الأصحاء في منتصف العمر، 20 أميركيا من أصل أفريقي و20 شخصا آخرين من ريف جنوب أفريقيا. تبادلت المجموعات الوجبات الغذائية تحت إشراف دقيق وظروف مضبوطة بإحكام، بحيث إن الأفارقة تناولوا النظام الغذائي الغربي الغني بكميات عالية من البروتين والدهون، في حين استهلك الأميركيون الكثير من الألياف وكميات قليلة من الدهون والبروتينات على الطراز الأفريقي.
قام الباحثون، قبل وبعد الدراسة، بفحص منطقة القولون لجميع المشاركين مستخدمين جهاز تنظير القولون (colonoscopy)، ثم أجروا تحليلا لعينات البكتيريا وتحديد خطر الإصابة بسرطان القولون باستخدام عدد من المؤشرات الحيوية. في بداية الدراسة وجد الباحثون أن ما يقرب من نصف الأميركيين لديهم أورام حميدة (polyps) - والتي يمكن أن تتطور مستقبلا إلى سرطان - وفي المقابل كان جميع الأفارقة خالين من هذه الأورام الحميدة.
وبعد تبادل النظام الغذائي بين المجموعتين، وجد أن التغييرات الغذائية قد أدت إلى إحداث تغييرات متبادلة ملحوظة في المؤشرات الحيوية، فثبت أن مجموعة الأميركيين انخفضت لديهم مستويات الالتهاب وكذلك المؤشرات الحيوية لخطر الإصابة بالسرطان بدرجة كبيرة. وفي الوقت نفسه، ارتفعت بشكل كبير عوامل خطر الإصابة بالسرطان في المجموعة الأفريقية.
وبطبيعة الحال، فإن هذه الدراسة وحدها لن تكفي ليجزم الباحثون وبشكل قاطع بأن تغيير النظام الغذائي قد منع أو تسبب في الإصابة بحالات من سرطان القولون في كل مجموعة على حدة. لكن هذه النتائج تظهر أن أي تغيير في النظام الغذائي يمكنه أن يحدث تأثيرا على نسبة خطر الإصابة بسرطان القولون خلال فترة قصيرة، وبالتالي فإن التوصية العلمية تشير إلى أنه لم يفت الأوان لتغيير النظام الغذائي لأي واحد منا، كما أن هذه النتائج تثير مخاوف العلماء بجدية كبيرة بشأن التغريب المتزايد في الوجبات الغذائية في بلدان العالم خاصة البلدان الأفريقية، أي تحولهم إلى النظام الغذائي الغربي.

* علاج البدانة جراحيًا
من الملاحظ غالبا أن الرجال أقل عناية واهتماما بالنواحي الصحية والمحافظة على تناسق الجسم، لا من أجل الجمال فحسب بل من أجل الوقاية من الأمراض ومضاعفاتها، وهذا يعتبر أحد الأخطاء الشائعة عند الرجال، في حين أن النساء هن على عكس ذلك تماما، وهو أمر حميد ومطلوب. ومما يؤيد ذلك أن جميع الدراسات الوبائية في الولايات المتحدة تظهر توزيعا متساويا بين الجنسين، الذكور والإناث، من حيث الإصابة بالبدانة. ولكن على الرغم من ذلك، تشير الأدبيات إلى أن ما يقرب من 80 في المائة من المرضى الذين يخضعون لجراحات علاج البدانة هم من الإناث. فما هي العوامل التي تكمن وراء هذا التفاوت بين الجنسين؟
إن نتائج أحدث دراسة أجريت بهذا الخصوص، ونشرت بتاريخ 12 مارس (آذار) 2015 في العدد 3 من المجلد 25 من «مجلة تقنيات المناظير الجراحية المتقدمة» (Journal of Laparoendoscopic & Advanced Surgical Techniques)، تشير إلى أن عدم الاهتمام وقلة الوعي الصحي لدى الرجال يفترض أن يكون أحد أسباب هذا التفاوت.
تم إجراء تحليل بأثر رجعي لعينة من المرضى المنومين الذين يعانون من السمنة المفرطة الذين خضعوا لجراحة تقليدية مفتوحة أو بالمنظار لتكميم المعدة أو سواها من الوسائل. وحلل فريق الدراسة (علماء من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو) بيانات 190705 من المرضى في الولايات المتحدة الذين خضعوا لعلاج البدانة جراحيا بين عامي 1998 و2010. وظهر أن 80 في المائة من العمليات الجراحية أجريت في النساء، و20 في المائة فقط في الرجال.
ووفقا لهذه الدراسة فإن العوامل الثقافية هي أيضا المسؤولة عن هذا التقصير عند الرجال، حيث وجد أن النساء كن أكثر وعيا بمشاكل السمنة ومضاعفاتها على الصحة، وبالتالي كن أكثر استعداد لاختيار وتقبل العلاج الجراحي من أجل فقدان الوزن مبكرا دون الانتظار طويلا. في حين أن الرجال يميلون إلى الانتظار حتى حدوث المضاعفات المرضية لاتخاذ القرار.
وهذا ما تؤكده أيضا دراسة قامت بها جامعة ولاية كانساس (Kansas State University) في عام 2014، حيث أفاد 72 - 94 في المائة من الرجال الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة بأنهم راضون عن صحتهم ولم يسعوا لطلب المشورة والرعاية الصحية، مقابل فقط 56 إلى 85 في المائة من النساء ذوات الأوزان الزائدة والسمنة.
ووجد في تلك الدراسة أن العمر أيضا يلعب دورا في التوجه للعلاج الجراحي للسمنة، ففي كبار السن البالغين 70 سنة من العمر تغيرت النسبة بين النساء والرجال (80: 20) إلى (70: 30) على التوالي. كما تبين من الدراسة أن النساء، بشكل كبير، كن مؤهلات لمثل هذا التدخل الجراحي من الرجال وذلك في كل الجماعات العرقية المختلفة.

استشاري في طب المجتمع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق